{الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (3)}المسألة الأولى: أجمعوا على أن الحاقة هي القيامة واختلفوا في معنى الحاقة على وجوه:أحدها: أن الحق هو الثابت الكائن، فالحاقة الساعة الواجبة الوقوع الثابتة المجيء التي هي آتية لا ريب فيها.وثانيها: أنها التي تحق فيها الأمور أي تعرف على الحقيقة من قولك لا أحق هذا أي لا أعرف حقيقته جعل الفعل لها وهو لأهلها.وثالثها: أنها ذوات الحواق من الأمور وهي الصادقة الواجبة الصدق، والثواب والعقاب وغيرهما من أحوال القيامة أمور واجبة الوقوع والوجود فهي كلها حواق.ورابعها: أن الحاقة بمعنى الحقة والحقة أخص من الحق وأوجب تقول: هذه حقتي أي حقي، وعلى هذا الحاقة بمعنى الحق، وهذا الوجه قريب من الوجه الأول.وخامسها: قال الليث: {الحاقة} النازلة التي حقت بالجارية فلا كاذبة لها وهذا معنى قوله تعالى: {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} [الواقعة: 2].وسادسها: {الحاقة} الساعة التي يحق فيها الجزاء على كل ضلال وهدى وهي القيامة.وسابعها: {الحاقة} هو الوقت الذي يحق على القوم أن يقع بهم.وثامنها: أنها الحق بأن يكون فيها جميع آثار أعمال المكلفين فإن في ذلك اليوم يحصل الثواب والعقاب ويخرج عن حد الانتظار وهو قول الزجاج.وتاسعها: قال الأزهري: والذي عندي في الحاقة أنها سميت بذلك لأنها تحق كل محاق في دين الله بالباطل أي تخاصم كل مخاصم وتغلبه من قولك: حاققته فحققته أي غالبته فغلبته وفلجت عليه.وعاشرها: قال أبو مسلم: {الحاقة} الفاعلة من حقت كلمة ربك.المسألة الثانية: الحاقة مرفوعة بالابتداء وخبرها {مَا الحاقة} والأصل الحاقة ما هي أي أي شيء هي؟ تفخيماً لشأنها، وتعظيماً لهولها فوضع الظاهر موضع المضمر لأنه أهول لها ومثله قوله: {القارعة * مَا القارعة} [القارعة: 1، 2] وقوله: {وَمَا أَدْرَاكَ} أي وأي شيء أعلمك {مَا الحاقة} يعني إنك لا علم لك بكنهها ومدى عظمها، يعني أنه في العظم والشدة بحيث لا يبلغه دراية أحد ولا وهمه وكيفما قدرت حالها فهي أعظم من ذلك {وَمَا} في موضع الرفع على الابتداء و{أَدْرَاكَ} معلق عنه لتضمنه معنى الاستفهام.